کد مطلب:187305 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:282

و سلاحه البکاء (01)
بسم الله الرحمن الرحیم

لاحت من بعید «ثنیات الوداع»، و القافلة المحملة بكنوز كسری تشق طریقها بجلال تحرسها خیول و دروع.

كانت الشمس قد بزغت كأنها تستقبل العائدین؛ أو لتری فتاة حملتها الأقدار من أرض النار، كانت تمعن فی الفرار ولكن دون جدوی.

اقترب صحابی أراد أن یحادثها... أن یقول لها كان سلمان یعیش فی المدینة و كان رجلا من أهل البیت، كان یعیش فی أرضكم ولكنه جاء یبحث عن النور ففر من النار.

تمتم أسفا و ود لو كان سلمان حاضرا، تمنی لو أنه قد تعلم منه لغة أهل تلك الدیار.

هبت نسائم طیبة، فتذكر حادثة قدیمة لن ینساها یوم وصل رسول السماء أرض طیبة فصدحت الفتیات یغنین للبدر الذی أشرق فی سماء المدینة.

حانت منه التفاتة فألفی بنت كسری حزینة لكأن وجهها المضی ء



[ صفحه 4]



تغمره غیوم و غیوم.

تساءل فی نفسه؛ تری ماذا سیكون مصیرها انها سبیة علی كل حال. هذا هو منطق الحرب.

كان الموكب یقترب من المدینة. تمایلت سعفات النخیل، وهبت نسائم طریة مشبعة برائحة الخضار.

تذكرت بنت آخر ملوك ساسان قصورها المنیفة، و تعجبت أن تكون هذه المدینة عاصمة الدولة التی لا تقهر! كیف هزم هؤلاء الحفاة العراة جیوش كسری حتی لم یتركوا ل (یزدجرد الثالث) مكانا فی خراسان و لا فی نیسابور و لا سرخس و لا طوس، و ها هی الأنباء تطیر فی الآفاق عن عبورهم «باب الأبواب» فی بلاد الخزر تأوهت بحزن:

- آه بیروز باد هرمز.

المسجد یكتظ بالناس، و قد أشرفت عذاری المدینة یتطلعن الی ابنة الملوك، الی جمال فارسی یختطف القلوب و الأبصار.

كانت الفتاة تدرك ما سیحل بها بعد قلیل سوف تكون جاریة فی بیت طینی من بیوت المدینة. تجمعت الدموع فی عینیها كغیوم ممطرة، راحت تتصفح الوجوه المحدقة بها... التقت عیناها وجها أفتر عن ابتسامة أراد أن یبدد عنها خوف غامض فقال:

- چه نام داری أی كنیزك؟

دهشت لهذا الرجل الذی یتحدث بلغتها..



[ صفحه 5]



أجابت باستحیاء:

- شاه زنان.

أراد الرجل الذی یشبه الأسد أن یمنحها اسما جدیدا فقال:

- شهربانو.

ابتستمت الفتاة و شكرت فی أعماقها الرجل لهذه الهدیة.

ما أجمله من لقب... سیدة المدینة.

سأل الرجل و قد أراد أن یكتشف ما تعلمته من الزمان:

- هل حفظت عن أبیك شیئا؟

أجابت بلوعة:

- كان یردد قبل مصرعه: اذا غلب الله علی أمر ذلت المطامع دونه، و اذا انقضت المدة كان الموت فی الحیلة.

ابتسم الرجل الذی تنفجر الحكمة من جوانبه:

- ما أحسن ما قال أبوك، تذل الامور للمقادیر حتی یكون الحتف فی التدبیر.

ساد الصمت و وقفت الفتاة تنتظر النهایة مستسلمة، ها هی الأقدار ترسم الطریق من قمم الجبال الشاهقة الی الهاویة! من المجد و الملك الی السبی و العبودیة. كانت علی وشك أن تعرض فی الأسواق بعد أن أمر الخلیفة بذلك.

و قبل أن تخطو باتجاه النهایة ألقت نظرة رجاء علی الرجل لعله یشتریها.



[ صفحه 6]



هتف الرجل معترضا، رغم غضب الخلیفة:

- لا یجوز بیع بنات الملوك.

تذكر الصحابة كلمات قالها النبی یوم وقعت سفانة ابنة حاتم فی الأسر: ارحموا عزیز قوم ذل.

لقد نسیها الجمیع و ها هو أخو النبی یذكرهم بعد تطاول الأیام.

- و ما هو الحل اذن؟! تساءل الخلیفة حنقا.

- أعرض علیها أن تختار رجلا من المسلمین یتزوجها و یحسب مهرها من عطائه.

تصاعدت صیحات الاستحسان من زوایا المسجد كانوا بشوق الی ملكة فارس، تری من ستختار، انها علی كل حال تمثل امة كانت تحكم نصف العالم ذات یوم.

و راحت ابنة كسری تبحث عن رجل تلوذ به، تتأمل الوجوه تبحث عن الانسان.. تبحث عمن یهبها رحمة الأب و دف ء الام.

و استقرت عیناها علی شاب أقنی الأنف كأن عینیه نافذتان تطلان علی عوالم تزخر بالنور و الصفاء و الحریة؛ فأشارت الیه.

هتف بعضهم اعجابا:

- ما أحسن ما اختارت، و هل هناك من هو أشرف من سبط محمد و ابن سید العرب.

قال سید العرب لابنه و قد تذكر نبوءة سمعها من رسول السماء:

- لیلدن لك منها صبی هو خیر أهل الأرض.



[ صفحه 7]